الضيوف الكرام،
السيدات والسادة،
نجتمع اليوم لنفتتح المبنى الجديد لمتحف قطر الوطني. لقد تم إنشاء المبنى الأصلي لمتحف قطر الوطني عام 1975 في القصر القديم للشيخ عبدالله بن جاسم بن محمد آل ثاني.
وأود أن أشيد بمبادرة سمو الأمير الوالد بتوسعة المتحف، وقبل كل شيء برؤيته وإطلاقه مسيرة تتناسج فيها الحداثة مع حضارتنا العربية والإسلامية، والتراث القطري.
والمبنى الجديد من تصميم المهندس المعماري جان نوفيل -والذي يتميز بتصميمه المبتكر القائم على ظاهرة طبيعية ناجمة عن تشكل الرمال تعرف باسم وردة الصحراء– يشمل القصر القديم ويحيط به.
وردة الصحراء تسمى عندنا هنا في قطر “قحوف” أو “القحوف”.
لماذا نبني المتاحف؟ نحن لا نفعل ذلك لنخزن فيها مجموعة المقتنيات الفنية، ولا لعرض الماضي، بل من أجل تنوير الجمهور في قطر ومقيمين وزوار، بماضينا وحاضرنا ومكاننا في العالم. فالمتحف يعرض صياغتنا لماضينا وبيئتنا وتجاربنا في منظور الحاضر. ولهذا فهو صياغة لهويتنا الثقافية العربية القطرية. ليست المتاحف مخزنا للماضي بل هي حاضرنا متجسدًا في كيفية قراءة تاريخنا ومكاننا ضمن الإنسانية عموما.
ويدرك شعبنا أن هذا المتحف وغيره من المتاحف التي أنشأناها هنا موجودة من أجلهم، ولزيارتها وتكوين علاقات اجتماعية وقضاء وقت ممتع بالاكتشاف والتأمل والحوار.
وبسبب التوسع العمراني السريع والمذهل في هذا البلد، فإننا نتوخى الحذر في التخطيط لأننا نريد أن نندرج ضمن التقدم التكنولوجي السريع وتوجهات العولمة السائدة اليوم في العالم لا أن نقاومها، ولكن مع الحفاظ على قيمنا وأخلاقنا وهويتنا الحضارية المنفتحة بحد ذاتها على التطور والتقدم.
يروي المتحف الوطني قصة شعبنا . كما يشجع على التعرف على طبيعة البلد وآثاره التاريخية واقتصاده ونهضته العمرانية، وغير ذلك الكثير. ويوفر فضاءً للتأمل في ما قامت به قطر، وما تطمح إلى القيام به.
ومن خلال مشاركتنا لهذه المعلومات مع الزوار فإننا نريد عبر المتاحف والمؤسسات الثقافية الأخرى توفير مناخ للحوار مع الذات ومع الآخر، بما يمنح شعبنا صوتًا مستنيرًا في رسم مستقبلنا.
المتحف الوطني هو نتاج عمل جماعي للعديد من المؤسسات والأفراد، وهو يمثل ما نحن عليه كبلد يتسم بفتح الحوار والتعاون في جميع المجالات.
ومن خلال برامجه ومعارضه التعليمية، سيقدم إضافة كبيرة إلى المشهد الثقافي المتنامي في قطر، بما في ذلك مؤسساتنا الجامعية وإعلامنا التعددي، ومكتبتنا الوطنية التي تحتوي على مليون كتاب بمبناها المتميز الذي افتتحناه العام الماضي، والمعرض السنوي للكتاب والمهرجانات والأنشطة الفنية العديدة في كتارا والأسواق القديمة والمعارض الفنية، والعديد غيرها من المؤسسات والمبادرات الأخرى.
إن هدفنا هو بناء اقتصاد قائم على المعرفة والتنمية البشرية. والنموذج الاقتصادي الذي نقدمه وما يحيط به من ثراء رياضي وثقافي هو في رأينا أفضل مؤشر على النمو الصحي لأية دولة. كما أن المشهد الثقافي الغني أصبح مكونا اقتصاديا مهما في السياحة، إذ يثري اقامة الزائر بإضافة الثقافة إلى الترفيه والنقاهـة.
إن قطر ملتزمة ببرامج العمل المعدة لاستضافة بطولة كأس العالم 2022- الذي هو بمثابة احتفال بالرياضة والفنون والثقافة وروح الجماعة بالتضامن والوحدة التي تربط جميع محبي كرة القدم والأشخاص ذوي النوايا الحسنة من جميع أنحاء العالم. ونحن نضع اليوم لبنة أخرى في بناء مشروعنا الوطني التنموي والحضاري، ومن ضمنه الوعد الذي قطعناه عام 2010 بتقديم بطولة رائعة لكأس العالم 2022.
لقد حققت دولة قطر العديد من الانجازات لصالح مواطنيها، وذلك في مستوى الحياة ونوعيتها، وفي مجالات التعليم والصحة والبيئة وغيرهـا.
كما أنها تواصل الترحيب بالقادمين من جميع أنحاء العالم. ويبقى التقدم من خلال التنوع والتسامح في صميم التزامنا بتنمية ورعاية مجتمع متناغم مزدهر يتمثل في نمط عيشنا وسلوكنا المقاد بقيم الإنسانية واللياقة. وقد أصبحت قطر أقوى بكثير منذ يونيو عام 2017. مواطنوها والمقيمون فيها يعملون سوية من أجل بناء البلد، وتقوية الاقتصاد والحفاظ على كرامة الإنسان والدفاع عن الحقيقة، ويتعارفون خلال ذلك ويتبادلون الخبرات، والأهم من ذلك أنهم يتبادلون الود والاحترام الكبير.
بـهـذا، أعلـن افتتـاح متـحـف قـطـر الـوطـني.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،