الحكم على السعودية بمخالفة التزاماتها في منظمة التجارة العالمية بسبب رفضها اتخاذ إجراءات ضد قناة القرصنة بي آوت كيو
رحبت وزارة التجارة والصناعة بالحكم الصادر اليوم عن منظمة التجارة العالمية والذي أقرّ بأن المملكة العربية السعودية قد خالفت التزاماتها بموجب اتفاقية المنظمة المعنية بجوانب حقوق الملكية الفكرية ذات الصلة بالتجارة (اتفاقية تربس)، وأنها فشلت في حماية حقوق الملكية الفكرية حين رفضت اتخاذ إجراءات ضد القرصنة المعقّدة التي قامت بها قناة بي آوت كيو انطلاقاً من السعودية، وقيامها فوق ذلك بدعم وتشجيع هذه القرصنة. وطلبت لجنة فض النزاع من السعودية وضع حد لإساءة استخدامها لحقوق الملكية الفكرية و”تصحيح تدابيرها حتى تصبح متوافقة” مع قانون منظمة التجارة العالمية.
وهذه هي المرة الأولى في تاريخ منظمة التجارة العالمية والمنظمة السالفة لها (الجات) -أي على مدى ثلاثة وسبعين عاماً- التي ترفض فيها لجنة تحكيم في المنظمة محاولة المدعى عليه التذرّع في دفاعه باستثناء الأمن القومي. حيث رأت لجنة فض النزاع أن تقاعس المملكة العربية السعودية عن اتخاذ إجراءات جنائية ضد بي آوت كيو لم يكن مرتبطاً بأي مصلحة أمنية مشروعة، لدرجة أن السعودية لم تستطع حتى أن تستوفي “الحد الأدنى من متطلبات المصداقية فيما يتعلق بالمصالح الأمنية الأساسية التي تذرعت بها”.
وتعليقاً على تقرير لجنة فض النزاع، قال سعادة السيد/ علي بن أحمد الكواري، وزير التجارة والصناعة: “تسجل دولة قطر اليوم، مع أصحاب الحقوق الدوليين، انتصاراً مدوياً. وننتظر من المملـكة العربية السعودية، وخاصة لأنها ستستضيف الاجتماع القادم لمجموعة العشرين، أن تحـترم هذا القرار الحاسم وأن تقوم في الحال بوضع حد لسرقة حقوق الملـكية الفكرية وقرصنتها. ويمكن أن يبدأ ذلك بالإذعان لقرار منظمة التجارة العالمية واتخاذ إجراءات قانونية منصفة وشفافة وفي الوقت المناسب ضد الجناة من أجل وقف هذه الانتهاكات في أسرع وقت“.
ويأتي هذا الحكم بناءً على الدعوى الرسمية التي قدمتها دولة قطر ضد المملكة العربية السعودية أمام هيئة تسوية المنازعات في المنظمة. وفي تقريرها الذي جرى تعميمه اليوم، أكدت لجنة فض النزاع ما يلي:
- قامت قناة بي آوت كيو بقرصنة المحتوى الإعلامي المحمي بحقوق النشر لمجموعة بي ان داخل المملكة العربية السعودية وخارجها، بما في ذلك من خلال بيع اشتراكات وأجهزة فك التشفير لقناة بي آوت كيو في العديد من منافذ البيع في أنحاء المملكة العربية السعودية.
- بالإضافة لقرصنتها للمحتوى الرياضي المملوك لـمجموعة بي ان أو المرخص لها، مكّنت أجهزة بي آوت كيو مستخدميها من الوصول إلى آلاف الأفلام والبرامج التلفزيونية والقنوات التلفزيونية المقرصنة من جميع أنحاء العالم.
- جرى بث عمليات القرصنة عبر ترددات القمر الصناعي السعودي عربسات، كما أنّ الشركة السعودية “سيلفيجن”، “قد سمحت أو ساعدت بي آوت كيو على بث محتواها المقرصن عبر القمر الصناعي عربسات“.
- أنّ قرصنة «بي آوت كيو» قد تمت على “نطاق تجاري“، وتوصلت لجنة فض النزاع لذلك بعد اطّلاعها على الأدلة التي كشفت الهدف التجاري لقناة بي آوت كيو؛ مثل بيع الإعلانات والتسويق المكثف لخدمات هذه القرصنة.
- وجود ثغرات عميقة وجوهرية في التزام المملكة العربية السعودية بتوفير إجراءات إنفاذ تتماشى مع اتفاقية منظمة التجارة العالمية المعنية بجوانب الملكية الفكرية ذات الصلة بالتجارة.
- رفضت المملكة العربية السعودية إجراء أي محاكمة جنائية فعلية ضد «بي آوت كيو» على الرغم من علمها الكامل “بمجموعة الدلائل الواسعة التي يمكن الاستنتاج منها أنه قد جرى تشغيل بي آوت كيو من قبل أفراد أو كيانات خاضعة للولاية الجنائية للمملكة العربية السعودية“؛
- قيدت السعودية أو أحبطت قدرة بي ان على متابعة الدعاوى المدنية أمام المحاكم السعودية؛
- وعلاوةً على ذلك، “انخرطت السلطات السعودية في رعاية التجمعات العامة المرافقة لعروض بي آوت كيو غير المرخّصة”، بما في ذلك التجمعات المصاحبة لعروض كأس العالم 2018.
كما أظهر التحليل الذي أجرته لجنة فض النزاع كيف أنّ المملكة العربية السعودية، من خلال سماحها بانتشار السرقة والقرصنة التي قامت بها بي آوت كيو دون رادع ولعدة سنوات، قد انتهكت التزاماتها بموجب اتفاقية تربس والتي توجب عليها حماية حقوق الملكية الفكرية للمواطنين القطريين وأيضاً حقوق الملكية الفكرية لعدد من الجهات العالمية البارزة في مجال الرياضة والترفيه من شركائها التجاريين الآخرين، بما في ذلك الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة. وذلك رغم الشكاوى التي قدمتها حكومات هذه الدول والشكاوى التي قدمتها كذلك بعض أشهر النقابات وإدارات الدوريات الرياضية وشركات الإعلام حول العالم.
والآن بعد صدور هذا الحكم، سيتوجب على المملكة العربية السعودية أن تذعن لطلب لجنة فض النزاع في منظمة التجارة العالمية لوقف إساءة استخدامها لحقوق الملكية الفكرية، و “أن تصحح تدابيرها حتى تصبح متوافقة مع التزاماتها بموجب اتفاقية تربس”.
وفي حين كان تركيز هذا النزاع أمام لجنة فض النزاع التابعة لمنظمة التجارة العالمية على الانتهاكات المتعلقة بالملكية الفكرية، إلا أن النتائج التي توصلت إليها لجنة فض النزاع قد سلطت الضوء أيضاً على الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي ترتكبها السعودية ضد القطريين. حيث توصلت اللجنة إلى أن المملكة العربية السعودية “قد طلبت من القطريين، سواء المقيمين منهم أو الزائرين، مغادرة الأراضي السعودية” مع إعطائهم مهلة لمدة أسبوعين فقط، ودون أي ذنب سوى أنهم قطريون. كما فرضت قيودًا تمنع القطريين من السفر أو المرور عبر الأراضي السعودية. فضلاً عن ذلك، سلطت لجنة فض النزاع الضوء على أن إجراءات التمييز على أساس الجنسية كانت بتفويض من قبل الحكومة السعودية، حيث رأت اللجنة “وجود تدابير عامة لمكافحة التعاطف عززت بشكل مباشر أو غير مباشر مناخاً من عدم التعاطف مع قطر والمواطنين القطريين.”
هذا، وتجدر الإشارة إلى أنّ دولة قطر كانت قد شرعت في العديد من الإجراءات القانونية الأخرى، سواءً في منظمة التجارة العالمية أو في المحاكم والهيئات القضائية الدولية الأخرى، ضد الإجراءات غير القانونية التي اتخذتها كل من السعودية والإمارات والبحرين ومصر منذ شهر يونيو 2017. وستواصل دولة قطر مطالباتها بالعدالة عبر هذه الوسائل القانونية، مع استمرار وفائها بالتزاماتها بموجب القانون الدولي.