كلمـــــــــة
معالي الشيخ/ عبدالله بن ناصر آل ثاني
رئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية
في
منتدى أمريكا والعالم الإسلامي
الدوحة
1 يونيو 2015
بسم الله الرحمن الرحيم
أصحاب السعادة،،
السيدات والسادة،،
الحضور الكرام،،
يطيب لي في البداية أن أحييكم وأرحب بكم
في الدوحة متمنياً لكم طيب الإقامة.
يكتسب هذا المنتدى أهمية كبرى في الوقت الراهن في ظل الظروف التي يشهدها العالم والتي زادت فيها حدّة الانقسامات نتيجة لمظاهر التوتر والنزاعات وعدم الاستقرار في مناطق عديدة من العالم.
إن المصالح المتبادلة والمسؤوليات المشتركة بين العالم الإسلامي والولايات المتحدة الأمريكية قد أثمرت عن ترسيخ فهم مشترك وعلاقات متميزة تؤكد في مضامينها على ضرورة مواصلة العمل لتعميق أواصر هذه العلاقات على أسس من الحوار والتفاهم وتعزيز أطر التعاون في شتى المجالات وتحقيق الشراكة الفاعلة بين العالم الإسلامي وأمريكا وبخاصة في
القضايا التي يضطلع فيها الدور الأمريكي بأهمية خاصة ولاسيما في تحقيق السلم والأمن الدوليين وذلك بما يخدم المصالح المشتركة للجانبين.
وقد كرست الشرائع السماوية الحوار بوصفه من أهم المبادئ الأخلاقية على أساس أنه من ركائز استمرار الحياة الإنسانية وتحقيق الخيرات لكل الشعوب, وقد تضمن القرآن الكريم العديد من الآيات التي تشير إلى ذلك مثل قوله تعالى: (يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا…) صدق الله العظيم.
ومن هذا المنطلق عملت دولة قطر ومازالت، على تبني مبدأ الحوار بين الحضارات والثقافات وإيجاد آليات لتعميق التفاهم وتحقيق السلم بين الشعوب, عبر حوارات مستنيرة تناقش قضايا الشعوب المزمنة والمعاصرة وتحديات المستقبل للتوصل إلى الحلول الناجعة التي تحقق تطلعات الشعوب في الأمن والإستقرار والتنمية المستدامة وأن هذا المنتدى هو خير دليل على ذلك.
ولا ينبغي أن يكون الحوار موجهاً فقط إلى نبذ الخلافات وتقريب وجهات النظر بل يتعين أن يكون الحوار صورة سامية للتعاون البناء لمواجهة القضايا الملحة التي تواجه الشعوب كأخطار التغير المناخي والإرهاب وتحقيق السلم والأمن الدوليين ونقص المياه والتصحر والقضاء على الفقر والأمية والجوع وتحقيق التنمية المستدامة.
السيدات والسادة,,
إن استمرار الاحتلال الإسرائيلي للأراضي العربية مازال هو قلب المشكلة لدى الشعوب العربية والإسلامية وأشير هنا إلى أن الرغبة في تحقيق السلام تمثل شعوراً وتطلعاً لدى جميع شعوب العالم وأن الولايات المتحدة الأمريكية بمقدورها أن تساهم على نحو ملموس وكبير في تحقيق السلام الحقيقي العادل في منطقة الشرق الأوسط.
ولاشك أنكم تدركون معي أن تعثر عملية السلام في الشرق الأوسط يرجع إلى المواقف المتعنتة للحكومة الإسرائيلية ، فبدلاً من أن تسير إسرائيل على طريق الحل الصحيح الذي يوفر لها الأمن ويقر بالحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني وفي
مقدمتها حقه في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية ، فإنها تتمادى في انتهاك القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية ومحاولتها فرض سياسة الأمر الواقع ، وذلك باستمرار احتلالها للأراضي العربية ومواصلتها لسياسة تهويد القدس الشريف وتكثيف مستوطناتها الاستعمارية في الأراضي الفلسطينية ، وآخرها ما تم الإعلان عنه في أول قرار استيطاني للحكومة الإسرائيلية الجديدة ببناء 90 وحدة استيطانية جنوبي القدس.
وفي هذا الصدد فإن قضية المستوطنات الإسرائيلية من أخطر قضايا السلام الفلسطيني الإسرائيلي لأنها تشعر الجانب الفلسطيني أن ما يتبقى من فلسطين على التفاوض هو في تناقص مستمر وأنه لا توجد نية إسرائيلية جدية في تحقيق عملية السلام .
لذا يتعين على المجتمع الدولي وفي الطليعة منه الولايات المتحدة الأمريكية ومجلس الأمن التخلي عن الانتقائية وازدواجية المعايير التي تخالف الشرعية الدولية والتصدي لقرارات الاستيطان الصادرة من الحكومة الإسرائيلية والعمل
الجاد بالضغط على إسرائيل للانصياع للإرادة الدولية لتحقيق السلام مع الفلسطينيين عبر إنهاء الاحتلال وفق قرارات الشرعية الدولية والمبادرة العربية وفقاً لمبدأ حل الدولتين الذي توافق عليه المجتمع الدولي من خلال صدور قرار ملزم من مجلس الأمن تحت الفصل السابع ودون هذا القرار الملزم سوف نظل أمام ضوضاء من كلمات القانون تبدده سياسة الأمر الواقع .
السيدات والسادة,,
إن مأساة الشعب السوري الباحث عن الحرية وحقوقه المشروعة تزداد تفاقماً بسبب تقاعس المجتمع الدولي وبخاصة اخفاق مجلس الأمن وعدم الوقوف بحزم تجاه ما يجري في سوريا.
وانطلاقاً من هذه الحقائق والأوضاع، بات لزاماً على المجتمع الدولي التعامل مع هذه التداعيات المؤسفة للأوضاع في سوريا بشكل مختلف، عبر اتخاذ موقف دولي حازم و تقديم الحماية الدولية للشعب السوري ومساعدته لتمكينه من الدفاع عن نفسه أمام الجرائم البشعة التي ترتكب في حقه ، وتضافر
الجهود لإيجاد الحل السياسي الصحيح بأن يترك للشعب السوري تقرير مصيره الذي يكفل لسوريا سيادتها ووحدتها ويعيد الاستقرار إلى ربوعها ويلبي مطالب شعبها المشروعة.
السيدات والسادة,,
إن ظاهرة الإرهاب باتت مصدر خطر على كافة الشعوب, وما زالت الأعمال الإرهابية تختبر إرادة المجتمع الدولي على محاربتها ، ونجدد هنا إدانة واستنكار دولة قطر لحادثتي التفجير الاجرامي الذي وقعا خلال الأسبوعين الماضيين أحداهما في أحد مساجد القطيف والاخر الذي استهدف مسجد العنود بمدينة الدمام بالمملكة العربية السعودية الشقيقة ، مؤكدين على موقف دولة قطر وتأييدها للمملكة العربية السعودية الشقيقة في كافة ما تتخذه من إجراءات وتدابير للحفاظ على أمنها واستقرارها.
ولا شك أن مناطق التوتر والصراعات قد ساهمت
في تواجد المنظمات الإرهابية، كما ساهم تقاعس المجتمع الدولي عن التصدي لبؤر التوتر والصراعات في تهيئة البيئة الراعية لتنفيذ العمليات الإرهابية.
وفي هذا الإطار يلقي الإرهاب بعواقبه الوخيمة على عاتق الدول والشعوب تحديات سياسية وأمنية واقتصادية خطيرة، الأمر الذي يتطلب من المجتمع الدولي التعاون وتضافر الجهود واتخاذ كافة التدابير الكفيلة بمحاربة هذه الظاهرة بوصفها خطراً يهدد الأمن الفردي والجماعي ويهدر حقوق الإنسان.
ومن المهم في هذا الصعيد التأكيد على أنه
لا يوجد دين يدعو إلى الإرهاب, وأن الأديان كلها تدعو إلى القيم النبيلة والتسامح والتعاون والحوار البناء لصالح المجتمع البشري ومن غير المعقول تحميل الدول الإسلامية أوزار بعض الضالين من المنتسبين إليها.
وفي الختام أشكركم على حسن استماعكم راجياً أن تكون نقاشات هذا المنتدى عاملاً مهماً ورافداً مساعداً في سبيل تقوية الروابط القائمة بين العالم الإسلامي وأمريكا لما فيه من خدمة لمصالحنا المشتركة وقضايانا الأساسية.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،،