كلمـــــــة
معالي الشيخ/ عبدالله بن ناصر آل ثاني
رئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية
في
المؤتمر الثالث عشر للأمم المتحدة
لمنع الجريمة والعدالة الجنائية

الدوحة
12 أبريل 2015

حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى
أصحاب السمو والمعالي والسعادة,,
معالي الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون ,,
الحضور الكرام ,,
أرحب بكم جميعاً في دولة قطر متمنياً لكم طيب الإقامة وأعرب لكم عن جزيل الشكر لمشاركتكم في هذا
المؤتمر المهم .
كما يطيب لي أن أشكر سعادة السيد/ خوسيه ادوارد كاردوزو وزير العدل بجمهورية البرازيل على الدور الفاعل الذي أدته بلاده طيلة رئاستها للمؤتمر السابق.
وأود أيضاً أن أشكر معالي الأمين العام للأمم المتحدة السيد / بان كي مون والشكر موصول لسعادة الأمين التنفيذي لهذا المؤتمر الدكتور ديمتري فلاسيس وكافة أعضاء الأمانة العامة

وفريق العمل بدولة قطر على جهودهم الكبيرة التي بذلوها لإنجاح هذا المؤتمر.
يُعقَد هذا المؤتمر في ظل تزايد انتشار الجريمة بكافة أنواعها وأشكالها ، واستمرار وجود بؤر النزاع والتوتر، وانعدام الأمن والاستقرار، وغياب التنمية في مناطق كثيرة من العالم، وكل ذلك أدى إلى تصاعد موجات العنف والارهاب والفساد.
تأتي استضافة دولة قطر لهذا المؤتمر من منطلق تحملها مسؤوليتها الدولية وإدراكاً منها لأهمية تحقيق العدالة الجنائية وإقامة مجتمعات وطنية ومجتمع دولي آمن تحكمه سيادة القانون ومبادئ الحرية والعدالة، وانطلاقا كذلك من أهمية مكافحة الجريمة التي تؤثر سلباً في تحقيق الأمن الإنساني الدولي بأبعاده كافة في السلم والأمن الدوليين، وكذلك في بلوغ التنمية لأهدافها المنشودة، فالروابط بين منع الجريمة والعدالة الجنائية والتنمية المستدامة لم تكن أبداً أكثر وضوحاً كما هي في يومنا هذا وبقدر لا يمكن إنكاره.
من هذا المنطلق فإننا مطالبون بتعزيز التعاون الإقليمي والدولي، والتعامل مع الظاهرة الإجرامية من منظور شامل

يأخذ في الاعتبار كافة أسبابها وأبعادها الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والأمنية وغيرها، ونتلمس الحلول المناسبة لها جميعاً
وبغير ذلك يصبح الحديث عن منع الجريمة وتحقيق العدالة الجنائية ترفاً لا يجد آذانا صاغية.
ولن يتأتى ذلك إلا من خلال تبني الدول والمجتمع الدولي سياسات عادلة على وفق معايير محددة وواضحة، والالتزام بتنفيذها استناداً للشرعية الدولية، وبهدف أسمى يرمي إلى تعزيز وحماية حقوق الإنسان وحرياته الأساسية عبر السعي الجاد لتطوير نظم وقواعد ومعايير منع الجريمة والعدالة الجنائية التي يتعين أن تتصف بالإنصاف والمسؤولية والفاعلية، وإلى مكافحة الفساد وتمتع الفرد بالخدمات الاجتماعية كافة وبخاصة الصحة والتعليم بما يكرس القيم المجتمعية، والقضاء على الفقر، وتوسيع فرص المشاركة في الحياة الاقتصادية والسياسية أمام فئات المجتمع كافة وبالذات النساء والشباب والفئات المحرومة، وتعزيز الشراكات بين المؤسسات الحكومية والقطاع الخاص والمجتمع المدني.

وإدراكاً منا للآثار السلبية الخطيرة للجريمة على تحقيق الأهداف الإنمائية التي توافقْ عليها المجتمع الدولي بخاصة في البلدان التي هي بحاجة إلى التقدم والتنمية أكثر من غيرها، فإن الاتفاق على إدماج منع الجريمة والعدالة الجنائية في الأهداف الإنمائية الألفية لما بعد 2015 سوف يُعد خطوة مهمة لتعزيز التنمية المنشودة للشعوب.
وأشير هنا إلى أن دولة قطر لا تألو جهداً في المساهمة بفاعلية في تعزيز الشراكة الدولية لتحقيق الأهداف الإنمائية العالمية عبر الوفاء بالتزاماتها الدولية في مجال تقديم المساعدات الإنمائية على الصُعُد الإقليمية والعالمية.
وفي هذا الإطار تتقدم دولة قطر من خلال هذا المؤتمر بمبادرة ترمي إلى إنقاذ جيل من الأطفال والشباب النازحين واللاجئين على المستوى الإقليمي ، وذلك بتأسيس صندوق يخصص للتعليم والتطوير المهني لصالح النازحين واللاجئين ضحايا الصراعات القائمة في منطقة الشرق الأوسط. وتركز هذه المبادرة على توفير نظام تعليم ثنائي يزاوج بين التعليم في المدرسة والتدريب المهني في المؤسسات يتجسد في بناء مدارس

في مخيمات اللجوء بالتنسيق مع الدول المضيفة للاجئين التي لم تدخِر جهداً في استقبال واستيعاب أعداد غير قليلة منهم في مدراسها على الرغم من إمكانياتها المحدودة.
ترى دولة قطر وجود إمكانية لأن تعمم هذه المبادرة لاحقاً على المستوى الدولي ، وبهذا الشأن ندعوا الشركاء كافة من حكومات، ومنظمات دولية، وهيئات مانحة، ومنظمات مجتمع مدني، ومنظمات غير حكومية للشراكة والتنسيق والتعاون في دعم هذه المبادرة.
أصحاب السمو والمعالي والسعادة,,
إن سيادة القانون على جميع المستويات المحلية والإقليمية والدولية من أهم الضمانات لتحقيق التنمية والعدالة، وتوفر المناخ الملائم لتعزيز وحماية حقوق الإنسان وحرياته الأساسية من قِبل الدول، وتكفل للمواطن أداء ما عليه من واجبات تجاه المجتمع.
ومن هذا المنطلق فقد اتخذت دولة قطر كافة الإجراءات اللازمة على مختلف الصُعُد التشريعية والمؤسسية وفي مختلف القطاعات نحو الحكم الرشيد، ومكافحة الفساد,

وترسيخ مبدأ سيادة القانون في الدستور القطري والتشريعات العادية كمبدأ ناظم للحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية, وجعل سيادة القانون جزءً أساسياً من رؤية قطر الوطنية 2030 والاستراتيجيات الوطنية للدولة وإنشاء المؤسسات الوطنية ذات الصلة بمكافحة الفساد والشفافية ومنع الجريمة.
وفي هذا الإطار تسعى دولة قطر على الدوام إلى التجاوب والمشاركة الفاعلة مع الجهود الإقليمية والدولية كافة عبر تطوير قوانينها وتشريعاتها والانضمام إلى الاتفاقيات الاقليمية و الدولية ذات الصلة بمنع الجريمة وتحقيق العدالة الجنائية, وترويج ثقافة احترام القانون الوطني والقانون الدولي.
وأشير هنا إلى تبوءُ دولة قطر مكانة مرموقة على صعيد المؤشرات الدولية في مجال سيادة القانون والشفافية ومكافحة الفساد.

الحضور الكرام,,
إن ازدواجية تطبيق معايير الشرعية الدولية يمثل أبرز التحديات التي تواجه منع الجريمة والعدالة الجنائية وتشكل عائقاً أساسياً لبلوغ تحقيق التنمية المنشودة للشعوب.
وأشير هنا إلى الجرائم والانتهاكات الجسيمة والصارخة للمواثيق الدولية لحقوق الإنسان التي ترتكب في بعض مناطق العالم والتي تعد جرائم ضد الانسانية وافلات مرتكبي هذه الجرائم من العدالة الجنائية بسبب أسلوب الانتقائية الذي تعالج به بعض هذه الجرائم، وهو ما ينعكس سلباً على مصداقية حقوق الإنسان في جوهرها.
لذا يتعين على الأمم المتحدة انطلاقاً من مسؤوليتها المشتركة في حماية وتعزيز حقوق الإنسان للشعوب كافة وتحقيقاً للعدالة أن تعيد للمجتمع الدولي مصداقيته عبر التزام مجلس الأمن بتطبيق الشرعية الدولية بمفهومها الحقيقي باتخاذ الإجراءات كافة تجاه مرتكبي هذه الجرائم، وتنفيذ حكم القانون بحقهم.

الحضور الكرام,,
إننا جميعاً أمام مواجهة جادة ضد كل ثقافات الجريمة وانتهاك حقوق الإنسان وحرياته الأساسية والتي تتطلب منا بذل أقصى الجهود لترسيخ الثقافة التي تسود فيها مراعاة كافة حقوق الإنسان الفردية والجماعية في شتى أرجاء المعمورة.
وفي هذا الإطار فإننا نثمن الجهود التي تبذلها الأمانة العامة للأمم المتحدة لتحقيق الأهداف والمبادئ الواردة في الاتفاقيات الدولية ذات الصلة بمنع الجريمة والعدالة الجنائية، وإن دولة قطر لن تألو جهداً في تيسير السبل كافة لإنجاح هذا المؤتمر.
إنني أتطلع معكم إلى مشاركة فاعلة لبلورة توصيات عملية وواقعية وممكنة التحقيق يخرج بها هذا المؤتمر على نحو يجسد الهدف المنشود وصلابة الارادة على بلوغه باعتبار أن منع الجريمة وتحقيق العدالة الجنائية ركيزة مهمة لتحقيق التنمية المستدامة وليكن إعلان الدوحة رسالة في هذا الاتجاه لتحقيق مصلحة شعوبنا جميعاً.
وختاماً أكرر تمنياتي لكم بطيب الإقامة في قطر، ولمؤتمركم هذا النجاح.